الحلقة الثانية : قراءة نقدية
لكتاب:
رمالات الجرعاوي
بـروايـــة التـــاريـــــــخ
إن أهمية الكتاب انه يسجل لنا من منطلق علمي
الدور الرئيسي والهام المحوري الذي لعبه أبناء حي (رمالات الجرعاوي) في مواجهتين
معروفتين مع قبيلة الرولة كإحدى اكبر القوى القبلية الضاربة آنذاك في شمال الجزيرة
العربية والمدعوة في تحركها هذا لاحتلال الجوف من قبل دول كبرى تريد قطع الإمدادات
بالمؤن والذخيرة والسلاح للجيش العثماني والتي كانت أمارة الجبل (وحكامها من
الرشيد) معنية ومسئولة عن حماية تلك الخطوط لذا كان التحرك (الشعلاني) بتوجيه
واتفاق مع الحكومة البريطانية حسب ما جاء في كتاب (العثمانيون وشمال الجزيرة
العربية) لمـؤلفه (مطلق البلوي) لإشغال أمارة الجبل من الجهة الشمالية عبر الهجوم
على دومة الجندل واحتلالها متفق بذلك مع ما ورد في كتاب (جون .س.ولينكسون) في
كتابه( حدود الجزيرة العربية قصة الدور البريطاني في رسم الحدود عبر رسم الحدود
عبر الصحراء).
إضافة لذلك نجد أن الكتاب حرص على استعراض
القصائد الشعرية التي قيلت في ذلك الوقت مع تلك الأحداث والتي تأتي بمثابة السجل
الذي يسطر لنا الحقائق عن تلك الوقائع والأحداث التي جرت. لترسم لنا جميع تلك
المصادر من كتب المؤرخين والمستشرقين،و المرويات الشعبية مع القصائد الشعرية
الصورة الحقيقة حول تاريخ الجوف بشكل يندر مثيلها مقارنة بالكتب التي تحدثت عن
الجوف، كما نجد في المعالجات التحليلية المستندة على مجموع المصادر ما يتوصل إليه
القارئ حول الدلائل القطعية عن أسباب الغزوة الأولى لأمارة الجبل على يد (عبيد ابن
رشيد) بأمر من أخيه (الأمير/ عبد الله العلي الرشيد)،والتي تنهي المعالجات إلى
أنها كانت أولا نصرة لأنسابه (رمالات الجرعاوي) . ومن تلك القصائد قصيدة لـ للشاعر
المشهور(طعمه الرمالي) احد أبناء حي الجرعاوي والتي يقول مطلعها:
من ربعنا شمر تجيك المراكيب
كل (ن) يدور حاجة (ن) له بدوره
وفي هذه الفترة قام (عبيد ابن رشيد) بإنشاء قصره
المسمى ( خزام) بدومة الجندل من أنقاض حي (الدلهمية) وطلب من جميع أبناء دومة
المشاركة في بناءه وسماه بـ"خزام" كناية عن "خزم" اهل دومة
الجندل،وقصر" خزام" لم يتبق منه في وقتنا الحالي بعض من أسواره الخارجية
.
يؤكد لنا الكتاب انها جرت بين قبيلة الرولة
بقيادة ابرز شيوخها وهو الشيخ(فيصل الشعلان) و(رمالات الجرعاوي) حيث يذكر لنا انه
بعد وفاة مؤسس أمارة الجبل الأمير/ عبد الله العلي الرشيد حدث فراغ سياسي اعتقد
معه اغلب زعماء أحياء دومة الجندل أن عهد حكم (آل رشيد) قد انتهى عن واحة الجوف
ليتقدم (خليف بن حطاب السراح) حسب ما ذكره كتاب (أوراق جوفية) لمؤلفه(معاشي بن
ذوقان العطية) في ( صفحة95) انه دعا (فيصل ابن شعلان) عام (1269هـ) لاحتلال الجوف
وانه تشكل حلف بينهما لاحتلال الجوف واستشهد (ابن ذوقان) بأبيات لابن سراح مثبت
بذلك مناشدته فيها (الشيخ/ فيصل الشعلان) للقدوم إلى الجوف واحتلالها ومن تلك
الأبيات:
هل الهلال وصار مثل الحنيه
وانا اتحرى فزعتك يابن شعلان
ثار الدخن من كل نقب وثنية
وتعاطوا المثلوث طليقين الأيمان
لتحدث المواجهة التي على أثرها تكبدت قبيلة
الرولة العديد من الخسائر في الأرواح نظرا لتحصن (رمالات الجرعاوي) واستبسالهم في
الذود عن حيهم وما فيه من نساء وأطفال ومنازل، ولإيضاح حقيقة هذه الموقعة نجد أن
المؤلف (ابن ذوقان) في صفحة (94)و(109) يورد القصيدة المشهور لـ(نعيم الرمالي) احد
شيوخ حي الجرعاوي ومنها الأبيات التالية :
يادار جونا مثل ورد البهومي
بـدو وفلح وخالطينه تهــامي
وثارن عليهم مثل نفض الهدومي
ملح الشفا ومخلط ملح شـامــــــي
وقفوا عنه مثل الحصان العزومي
عقب الممانع بدلوا بانهزامـــــــــي
وحماك ربك وحتموك القرومي
بصنع الفرنجي يكسرن العظامــــي
يوم انها بـ(رد) النقاء ذاك يومي
خليتهم في ساحتك كالرجامــــــي
يوم الفتايل با العلالي تزومي
في قصرك اللي كنه الحيد زامي
ومن جالها ندعي عظامه لهومي
ونطليه طلية أجرب راح دامـــــــي
دار ذرانا عن هبوب السمومي
ترمي ولا يرمى عليها الكلامـــــــي
يا حلو مقطانه ليالي الوسـومي
ون جنك القلطان قبل الجهامـــي
الحر منزاله بروس الخشومي
والتبع منزاله جذور العدامي
لم تمضي أيام حتى استقر الحكم في أمارة الجبل
بتولي الأمير(طلال بن عبد الله الرشيد) حكم الأمارة خلف لأبية..ليوجه بإرسال حملة
عسكرية بقيادة عمه (عبيد الرشيد) وأخيه (متعب الرشيد) لإعادة السيطرة على الجوف
وإخضاعها لحكم (الجبل) حيث استطاع استعادة الجوف وتم اسر (حطاب ابن خليف السراح)
و(غالب بن حطاب السراح) بالحيلة ردا على استخدامها من قبل (الشيخ / فيصل بن شعلان)
بمساندة (ابن سراح) من اجل القضاء على حي( رمالات الجرعاوي) المناوئ بطبيعة الحال
لحكم (ابن شعلان) ليأمر (ابن رشيد) بإعادة بناء حي (رمالات الجرعاوي) عام (1269هـ
- 1853م) كما يذكر لنا ذلك الرحالة الايطالي (كارلو جوارماني) في كتابه (الخمسة)
وهذا أيضا ما يؤكده (د. البادي) في المحاضرة التي سبق أن أشير لها.
ومن القصائد الشعرية التي قيلت قصيدة
(عبيد ابن رشيد) :
ماهو مهمن فيصل وابن هذال
اللي مهمن بلشة به مهـــــنا
إلى قوله:
يامن يخبر فيصل فرز الأبطال
ان الجبل دونه على الضد حنا
يوم الوغى نلحق على كل مشوال
ومطارق والموت بأطرافهن
ستين يوم بأوسط الجوف نزال
وركابنا يم الجبل يسفرنا
نهجت يم (...) والصيد صلال
والعوج لو كثرن فلا يثمرنا
ولا تبي لك عند الاطعاس غربال
انشد عن اللي جا باطرافهن
يرميك يومنك تسريت الارشال
اللي تبي لك خشرة في وطنا
ومن قصائد (عبيد الرشيد) التي ذكرها بعد إعادة
سيطرته على الجوف القصيدة التي مطلعها:
طلبت علام السراير والاسرار
علام مافي الصدر لوكنت مخفية
ومنها:
وحطاب هو وخليف جلبوا من الدار
والقصر مافك المخلايق مبانية
هذي بدل هاذيك اخذنا بها الثار
ومعروفكم ياعيد ماني بناسيه
وأيضا قال (عبيد ابن رشيد) قصيدة أخرى
هي :
يالله ياللي للجزيلات وهاب
تعطي وإلا جزل العطا منك ممنون
إلى قوله:
عقب اربع تلفي عزيزين الاقراب
اللي قديم عن الديرة يحامون
إشارة واضحة في البيت السابق لرمالات
الجرعاوي
وبدل ماكزيت خطب وانجاب
لابد مانمشي وناصل على الهون
فإن كان تشكي خليف وحطاب
فالله حسيب اللي بعهده يبوقون
وهي عادته جر الهلايب والانشاب
من خلقته لـ السوء والشر ماعون
يلاحظ القارئ إشارة الأمير/ عبيد الرشيد إلى أن
(فيصل الشعلان) و(ابن هذال) لايعتبرهم قضية بالنسبة له ،ويوضح في أبيات أخرى مصير
كل من (غالب وحطاب السراح) هو الأسر ،كما يشير إلى أن حملته تلك كانت من اجل نجدة
أهل الجرعاوي الذين أشار إليهم بعزيزين الاقراب، وبذلك يكون ابن رشيد قد أنهى تمرد
ابن سراح بمساعدة (ابن شعلان) .
المصدر:
الحلقات
الثلاث وكذلك المشاركات والاسئلة نشرت عام 2009م وهي منقولة عن موقع اطلس شمر رابط
الموضوع :
(وللحديث
بقية)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق